الله عز وجل تعهد القرآن الكريم بالحفظ إلى يوم الدين ضد التحريف والعبث
ولكنه سبحانه وتعالى -ولحكمة يعلمها- لم يتعهده بالحفظ ضد سوء التأويل وخطأ الفهم ولم يتعهد بحفظ صحيح هذا الدين على مر الأزمان
فالقرآن نفسه قد يؤدي بمسلم إلى الشك إن لم يقرأه بما يلزم من إيمان بالله ويقين بما أنزل
قال تعالى: "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب"
ربما هذا جزء من حرية الإختيار، الأمانة التى تقدم الإنسان لحملها
ربما هذا إبتلاء للمسلمين، سلم منه من سلم وضلّ فيه من ضلّ
فهم نجوا من الإختيار الأول بين الإسلام والكفر بأن وُلدوا في دار إسلام
وهم الآن عليهم الإختيار بعد الإسلام أي طريق يسلكون
طريق الإسلام الحقيقي والذي تحاول الكثير من النباتات الخبيثة المتطفلة أن تطمس معالمه وتخفي مداخله، أم الطريق الذي تنشأ فيه جذور تلك النباتات ويرويها تغييب العقل والإتّباع الأعمى
صنف الإمام ابن القيم الجوزية المراحل التي يريد الشيطان أن يظفر بالمسلم فيها إلى سبع عقبات، ووضع -حسب رؤيته- "البدعة" العقبة الثانية بعد الكــفــر "إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه، وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله من الأوضاع والرسوم المحدثة في الدين التي لا يقبل الله منها شيئا"
وكلنا في هذا العصر مبتلى بحق رآه باطلا وباطلا رآه حقا، فالناجون فعلا بإذن الله هم الذين يستمرون في البحث دائما وتحرّي الحق أينما كان، وليس التمسك الأعمى بما يظنونه حقا مهما ثار حوله من تشكيك وبيان لأباطيل
اللهم جنبنا الفتن، وأرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه، والقوة في الدفاع عنه، والحكمة في الدعوة إليه، إنك على ما تشاء قدير وإنك بالمؤمنين رحيم